الثلاثاء، 11 مارس 2014

الإمارات و الغرق في بحر الحسابات الخاطئة


تفاقمت الأوضاع الحقوقية والسياسية والدبلوماسية سوءا في أسبوع إماراتي حافل بالتطورات المتسارعة، والمتسرعة. إذ واصلت السلطات الإماراتية تكرار نفس سياساتها ومواقفها البائسة. ففي تزامن يثير الاستنكار، حكمت محكمة أمن الدولة الإماراتية على ناشطين إماراتيين، وناشط قطري بالسجن، و سحبت السلطات الإماراتية سفيرها من الدوحة في إطار الضغوط المكثفة على دولة قطر، وأشاد إعلام هذه السلطات بحظر السعودية لجماعة الإخوان المسلمين. وتسعى الآن هذه السلطات، إلى توريط الشعوب الخليجية بضم النظام المصري إلى عضوية مجلس التعاون الخليجي، وما يعنيه ذلك، من تحويل دول الخليج إلى معتقلات كبرى.. مع وصول مشروع قانون الخدمة العسكرية إلى المجلس الوطني الاتحادي لإقراره.. كل ذلك، ولا تزال السلطات الإماراتية تتخبط في حسابات خاطئة بنتها على غفلة وسوء تقدير و بدافع الخوف والهروب للأمام.

الحكم المسيس ضد ناشطين

قضت محكمة أمن الدولة الإماراتية، بسجن المعتقل القطري محمود الجيدة سبع سنوات، وخمس سنوات لاثنين من أحرار الإمارات هما: عبد الواحد حسن البادي،  و سعيد عبد الله البريمي بتهم تتعلق ب"أمن الدولة". و اعتقل محمود الجيدة في فبراير2013 و الإماراتيين اعتقلوا في مارس من العام نفسه؛ وتقول منظمات دولية أن اعتقالهم يتعلق بقضايا حرية الرأي والتعبير.

وقد تعمدت محكمة أمن الدولة على إصدار أحكامها الجائرة بالتزامن مع عريضة الثالث من مارس 2011، لتذكير الإماراتيين بعقوبات قاسية تنتظر كل من يمتلك رأيا أو فكرا.

ضم مصر لمجلس التعاون الخليجي

قال مصدر دبلوماسي عربي لوكالة الأناضول للأنباء، إن هناك توجها سعوديا وإماراتيا بضم مصر إلى مجلس التعاون الخليجي. وأوضح المصدر، أن مسؤولا سعوديا كشف لمسؤولين مصريين عن هذا التوجه. مؤكدا أن السعودية، ستطرح على الدول الخليجية خلال القمة العربية التي ستعقد في الكويت نهاية الشهر الجاري ضم مصر إلى مجلس التعاون الخليجي.

وأرجع المصدر التحرك السعودي لضم مصر إلى الخلافات بين السعودية وقطر والتي تصاعدت مع استدعاء السعودية والبحرين والامارات سفراءهم لدى الدوحة.

خطوة كهذه لو تمت، ستكون بمثابة خطيئة تاريخية ترتكبها السلطات الخليجية كافة، ولا سيما السلطات الإماراتية بصفتها الراعي الرسمي والأكثر التزاما بنظام الانقلاب، بحق الشعوب الخليجية، وبحق الشعب المصري نفسه. إن انضمام النظام المصري لمجلس التعاون الخليجي سينظر له على أنه مكافأة له على قتل الشعب المصري والتنكيل به، وسيحمل المصريون مسئولية هذا التوجه للسلطات الخليجية الرسمية، كون قرار كهذا لن يستفيد منه المصريون، وإنما سيستفيد منه مسؤولي النظام. والدليل على ذلك، أن مليارات الدولارات الإماراتية والسعودية لمصر لم يستفد منها الشعب المصري شيئا مقابل نهب النظام لهذه الأموال، التي بعد أن استولى عليها، يطالب الشعب المصري المعدوم بالتقشف! الشعوب الخليجية لن تستفيد من انضمام مصر بحالتها الراهنة شيئا، إلا استيراد المزيد من السياسيات الأمنية البغيضة.

إشادة بقرار سعودي

في أعقاب اعتبار السلطات السعودية جماعة الإخوان المسلمين جماعة إرهابية، سارع إعلام السلطات الإماراتية بالإشادة بهذه القرار، واعتباره قرارا تاريخيا وبطوليا، وغيرها من الأوصاف غير العادلة وغير الموضوعية. ومن المفارقات المثيرة للسخرية، اعتبار صحيفة الخليج أن جماعة الإخوان حوربت كون أهدافها تتقاطع مع أهداف الصهيونية في إضعاف الأمة، وكأن قرارا غاشما كهذا سيقوي الأمة.

هذا الخطاب البائس، تردد في مصر سنوات طويلة، في إطار إشغال الشعوب العربية بما كانوا يسمونه الاستعداد لمحاربة إسرائيل، فإذا بالجيش المصري ومعه معظم الجيوش العربية يهزم هزيمة مخزية أمام إسرائيل، رغم أن الإخوان "عدو الأمة" و "نظراء الصهاينة" كانوا يعدمون في سجون النظام الذي تتبنى روايته صحيفة الخليج، وكان عشرات الآلاف من الإخوان يقضون عشرات السنوات في السجون! إنه، نفس "التاريخ" الذي يتغنون به، يعيد نفسه!

ومن مفارقات هذا القرار الذي اعتبره الإعلام الإماراتي بأنه ضد إسرائيل، أنه لم يذكر حزب الله اللبناني في قائمة الإرهاب السعودية، فلماذا لم يخدموا إسرائيل بهذه المسألة! أم أن الإخوان ومن خلال ذراعهم العسكري حماس، تقاوم إسرائيل بالفعل، هي التي تقبل الوسم بالإرهاب.

  بطبيعة الحال، فإن الموقف الإماراتي من دعوة الإصلاح الإماراتية، مثلا، هو موقف عملي ومتقدم على الموقف السعودي. فإذا كانت السعودية تحذر و تحظر، فإن السلطات الإماراتية تعتقل وتشرد وتنفي وتسحب الجنسيات وتنتهك الحرمات..ألا "تتعامل مع جماعات إرهابية.. ولا دية للإرهابيين!

مراهقة سحب السفراء

  أعلنت الإمارات في بيان مشترك مع السعودية والبحرين أنها قررت سحب سفيرها من الدوحة، بذريعة أن قطر تتدخل بالشئون الداخلية لدول مجلس التعاون الخليجي، في حين أن تبريرات سحب السفير كانت بحد ذاتها تدخلا في الشأن القطري كونه يطالبها بتغيير مواقفها وسياساتها وعلاقاتها الخارجية.

في الواقع، هذا الضغط ليس موجها ضد دولة قطر بقدر ما هو موجه للشعوب العربية، والتي تتقاطع قطر في جانب مهم من مواقفها وسياساتها مع الشعوب. وهذا لا يقلل من أهمية الموقف القطري على الإطلاق، وإنما نستهدف تفسير هذا القرار المتسرع. فالدول الخليجية، تسعى بالفعل لمحاصرة الشعوب العربية. فدولة قطر، لا تمتلك الجيوش ولا الخطط ولا الإمكانيات لغزو أي دولة من هذه الدول، ولكن هذه الدول تخشى قوة الشعوب، بعد أن أثبتت هذه الشعوب قوتها في ثورات الربيع العربي، ولا تزال قادرة على إثبات ذلك، مهما كان الثمن والتضحية ومهما طال وقت الحراك الشعبي.

قانون الخدمة العسكرية في المجلس الوطني

تلقى المجلس الوطني الاتحادي مشروع قانون الخدمة العسكرية الذي أثار موجة رفض واستنكار شعبي واسعة لدى الإماراتيين.  وقد حدد مشروع القانون الشروط الواجب توافرها في المؤهلين للتجنيد، منها: أن يكون حسن السير والسلوك، وأن يكون لائقا طبيا، وألا يكون منتميا لأي تنظيم سياسي أو أي تنظيم أو جمعية محظورة، وموافقة لجنة الخدمة الوطنية والاحتياطية.

في النظر لهذه الشروط، نتأكد أن الخدمة العسكرية لها أسباب سياسية وأيديولوجية وليس مهنية على الإطلاق. تهدف السلطات الإماراتية إلى تحويل الشعب الإماراتي إلى " حزب حكومي"، مؤدلج بتوجهاتها، لذا لم تجد وسيلة ولا طريقة أفضل من فرض باب التجنيد.

و الدليل على ذلك، هو رفض تجنيد أي إماراتي يعتبر منتميا لأي تنظيم سياسي أو جمعية محظورة. إذ تهدف السلطات الأمنية لتقليد فلسفة أجهزة البطش في مصر، بعدم قبول أي مواطن في صفوفها لا ترضى عنه هذه السلطات. ويعتبر هذا خرقا للدستور الإماراتي وتعديا عليه وتجاوزا للشعب الإماراتي وإساءة بالغة له تنطوي على عنصرية واضحة تفرق بين الإماراتيين، وتنتهك حقهم بالمساواة.

ولا تقتصر المشكلة على رفض التجنيد فقط، بل إن المشكلة الحقيقية تبدأ مع هذا الرفض. فمن سيتم تجنيده فهو موعود بامتيازات لا حصر لها، ومن يرفض تجنيده لتلك الأسباب فتمييز لا حدود له في انتظاره.

  وينص القانون على تشكيل لجنة مشتركة من كل من القوات المسلحة ووزارة الدفاع ووزارة الداخلية وجهاز أمن الدولة والهيئات والمؤسسات ذات النظام العسكري ويصدر بتشكيلها وتحديد مهامها ونظام عملها قرار من رئيس أركان القوات المسلحة.

إن إقحام امن الدولة في مشروع التجنيد، يؤكد مجددا أن هذا المشروع ليس أكثر من مشروع امني يرعاه جهاز أمن الدولة لتشكيل العقول والمعتقدات والعبث بالقيم الراسخة وتغيير عقيدة الشعب الإماراتي نحو مكونات هذا الشعب.

مناورات إماراتية مع الجيش المصري

وصلت قوات من الجيش المصري الأحد إلى دولة الإمارات العربية المتحدة لبدء تدريبات عسكرية مشتركة بين البلدين. ومن المقرر أن تستمر التدريبات التي أطلق عليها اسم "زايد1" مدة أسبوعين، بمشاركة وحدات من القوات البحرية والجوية والقوات الخاصة للبلدين.

وقال بيان للقوات المسلحة المصرية إن التدريبات تشمل العديد من الأنشطة، وتهدف إلى رفع معدلات الكفاءة الفنية والقتالية للعناصر المشاركة في ما يتعلق بالموضوعات العامة والتخصصية والتخطيط المشترك خلال التدريب، وصقل المهارات وتبادل الخبرات بين الجانبين.

لو كلف صانع القرار الإماراتي نفسه عناء التعرف على سمعة الجيش المصري المهنية والإنسانية، وليس بأقلام المعارضة المصرية وإنما بأقلام مؤيدين ومحسوبين على نظام الانقلاب، لوجد أمامه جيشا يتمتع بسمعة غاية في التردي العسكري والمهني و جهة للتندر والسخرية، لا تبعث على الفخر في أن يقيم الجيش الإماراتي مناورات عسكرية مع جيش كهذا..

تقديرات أكاديمي إماراتي.. السيسي استثمار خاسر

قال الدكتور عبد الخالق عبد الله أن "هناك خشية من أن الإمارات تضع ثقلها السياسي في غير محله، وتستثمر في عودة الدولة الأمنية التي ستُرفض بشدة من الشعب المصري الذي ما زال في مزاج ثوري".

وأضاف عبد الله خلال تغريدات له على تويتر بعد عودته من مصر إن "استثمار الإمارات السياسي في مصر سيكون في محله، إذا ساهمت في عقلنة السلطة الراهنة ودعم الحل السياسي وليس الحل الأمني لأزمة مصر."

وقال عبد الله إنه سمع "في مصر أن قطاعات شعبية كبيرة بدأت تفقد الثقة في السيسي، ولم تعد ترى أنه رجل الضرورة والبطل المنقذ"، مضيفا "هذه الصورة تراجعت وأخذت تتلاشى".

هذه التقييمات ليست مفاجئة، و السلطات الإماراتية تعلم أن استثمارها بالسيسي استثمار خاسر، ولكنها لا تمتلك أن تتراجع بعد كل ما خسرته في هذا المشروع. وبطبيعة الحال، فإن السلطات الإماراتية لا تحفظات لديها على قتل الشعب المصري والغلظة التي يجدها من قوات الأمن، بل نجزم أن صورة القمع القادمة من مصر هي ما تريده هذه السلطات لإعادة ردع الشعوب أمنيا وبالقوة، لأن هذه السلطات لا تستطيع العيش في أجواء الحرية والشرف والكرامة.

الإمارات ملاذ آمن لعناصر دحلان

غادر العشرات من انصار القيادي السابق في حركة فتح محمد دحلان في فلسطين إلى الإمارات بعد أن شكلت اللجنة المركزية لحركة فتح لجنة خاصة سرية تشرف على فصل العشرات من أنصار دحلان .

والقائمة تضم قيادات سابقة في حركة فتح، ومسؤولين أمنيين خدموا في عهد تولي دحلان المسؤولية عن الأمن الوقائي في قطاع غزة،

وتفيد المعلومات أن من وردت أسماؤهم في القائمة مقربون جدا من دحلان، الذي تتهمه اللجنة المركزية بالعمل ضد مصالح التنظيم، وشرع الكثير منهم بتوجيه انتقادات حادة للرئيس عباس واللجنة المركزية.

استمرار تدفق عناصر دحلان الأمنية إلى الإمارات، إلى جانب تورط السلطات الإماراتية في جميع الملفات السابقة، تؤكد أن الحسابات الخاطئة هي التي تحرك هذه السلطات بكل مكابرة، دون أن تحفظ لنفسها خط الرجعة او على الأقل الولوج في هذه الملفات برفق وتلطف وحسابات ولو متأنية ومتعقلة.. ولكن من يخطئ في مرة أولى، ولم يسعفه عقله في المراجعة والتراجع، فإنه سيواصل الهروب للامام والدخول من نفق إلى نفق و طيش الحسابات وسوء التقدير، فسوء المصير.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق