قال الصحفي البريطاني ديفيد هيرست إنّ ما أنجزته الحرب على مدى خمسين يوماً في غزة هو استعادة مفهوم أن المقاومة المسلحة هي الطريق نحو الوحدة الفلسطينية. مؤكدا أنّ ذلك بالضبط هو ما كان يحتفل به الغزيون والفلسطينيون حول العالم.
وأضاف هيرست في مقالة له بموقع "ذي هافنغتون بوست"، أنّ هذا الإنجاز لم يرد في مخططات نتنياهو ولم يخطر بباله.
ونوه لقرائه بالقول "تذكروا أنه حينما بدأ الحرب قبل خمسين يوماً قيل له إن الوقت كان مناسباً جداً لضرب حماس، وكانت حسابات إسرائيل وحسابات السلطة الفلسطينية أن شعبية حماس قد تآكلت وأن الغزيين سيثورون عليها لو أن البؤس والشقاء حل بهم بسبب اندلاع حرب أخرى ضد القطاع".
وأشار إلى أنّ "نتنياهو ظن أن حماس كانت تعاني من نقص حاد في الأموال بسبب توقف الدعم الإيراني ونقص حاد في السلاح بسبب قطع الطريق عليها في سيناء، وخاصة بعد أن أغلقت مصر جميع الأنفاق. بل راجت أيضاً شائعات بأن محمد دحلان كان يستعد للتنصيب في غزة من جديد بعد القضاء على حماس".
واستدرك بالقول: "إلا أن العكس تماماً هو الذي حصل. فقد شقت حماس طريقها نحو الصدارة من خلال المقاومة. حتى في أوج الانتفاضة الثانية كان الناس يعتبرون "فتح" شريكاً في قيادة العمل المقاوم، ويعزى ذلك بشكل كبير إلى دورها التاريخي".
وقال: "أما اليوم، فلا تساور الشكوك أحداً في الشارع الفلسطيني حول من الذي يقود المقاومة الآن. إنها كتائب القسام. ولا تساور الشكوك أحداً حول هوية الشخص الذي يقود المقاومة. إنه محمد الضيف. لقد أسفرت الحرب عن تولي كتائب القسام موقع الريادة في قوة مقاومة ضخمة تشتمل على فصائل فلسطينية متحالفة مع حركة فتح، وعن وضع باتت المقاومة فيه متفوقة على الانقسامات الفصائلية والأيديولوجية ومتجاوزة لها، مما مكنها من تجسير الهوة بين حماس وفتح في ساحة المعركة".
وذهب هيرست إلى أبعد من ذلك بالقول: "لقد تجلى التغير في ميزان القوة بين الفصيلين الفلسطينيين الرئيسين، أيضاً، في اجتماع عاصف في الدوحة انعقد بين عباس وخالد مشعل، انتقد خلاله مشعل عباس بسبب ما يجري في الضفة الغربية من قمع للمتظاهرين، فما كان من عباس إلا أن اتهم مشعل بأنه يدبر للانقلاب عليه، وذلك في إشارة إلى خبر يتيم ورد في بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية، فرد عليه مشعل مقرعاً بأن ما من أحد بإمكانه تدبير انقلاب بينما الضفة الغربية بأسرها رهن الاحتلال".
وأضاف: "ثم طلب مشعل معرفة متى سيوقع عباس على معاهدة روما حتى يتسنى للدولة الفلسطينية غير العضو في الأمم المتحدة الانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية، مذكراً إياه بأن كافة الفصائل الفلسطينية وافقت على ذلك فيما عدا عباس نفسه". "أخبرني مصدر مطلع أن مشعل كان يلح على عباس ليعرف منه متى سيوقع، إلا أن الأخير كان يماطل في الإجابة".
وأكد هيرست أنّ من أهم تداعيات الحرب "أنها فضحت أولئك الذين كانوا يهمسون في أذن نتنياهو ويوسوسون له، وكشفت عن السبب وراء إصرار كل من إسرائيل ومصر على تجاوز الولايات المتحدة، ولي نعمتهما والمتفضلة عليهما بما تقدمه لهما من مساعدات مالية".
وأوضح أنّ السبب في ذلك يقف وراءه "الدعم السعودي والمصري والإماراتي لإسرائيل، الذي كان يمضي سراً قبل الحرب ثم خرج إلى العلن بعد اندلاعها. لم يملك المسؤولون الإسرائيليون القدرة على منع أنفسهم من التبجح بذلك".
وخلص الكاتب إلى أنّ إسرائيل "اكتشفت أن عبد الفتاح السيسي وولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد كانا ينشدان تدمير حماس أكثر مما كان ينشده الإسرائيليون، وذلك أن الإمارات والسعودية اعتبرت الحرب على غزة جزءاً لا يتجزأ من حملتها ضد الإخوان المسلمين بشكل خاص، وضد الإسلاميين بشكل عام في كافة أرجاء شمال أفريقيا".