لم تكد الإماراتية، «مريم المنصوري»، أول قائدة طيارة حربية، تقود طائرتها الأمريكية الصنع «F-16» كأول امرأة عربية لتقصف مواقع تنظيم «الدولة الإسلامية» في سوريا، حتى انصبت عليها اللعنات من أقارب لها، ومن مغردين سوريين نشروا صورا لفتاة سورية صغيرة قالوا أنها ضحية قصف الطائرات الإماراتية لسوريا وقتل مدنيين أبرياء.
الآنسة «مريم المنصوري» 35 سنة، التي لم تحلق فقط بالطائرة فوق مناطق سيطرة «الدولة الإسلامية»، بل كانت أيضاً قائدة التشكيل الجوي الذي نفذ الضربات ليل الاثنين والثلاثاء الماضي، استٌقبلت عقب عودتها بتهاني من إماراتيين ولكنها أيضا استٌقبلت ببيان يؤكد تبرؤ عائلتها منها لأنها قتلت أبرياء في الغارات علي سوريا، ويبدو أن هذا البيان صادر من خارج الإمارات لأنه يتحدث باسم «عائلة المنصوري في الوطن وخارجه».
وقالت مجلة «بزنس إنسايدر»، الأميركية نقلا عن «بريت باير»، المذيع بشبكة «فوكس نيوز» إن «مريم المنصوري» شاركت ضمن التحالف الدولي على «الدولة الإسلامية» وكانت ضمن من قصفوا معاقل التنظيم بالقرب من مدن سورية مثل الرقة وحلب وإدلب.
وقالت المجلة الأربعاء 24 سبتمبر/أيلول تحت عنوان: «Meet A Female UAE Pilot Who's Dropping Bombs On ISIS»: «إنه وبدلا من التنافس مع نظرائها الذكور، فإن المنصوري ووفقا لتصريحات لها في مجلة «درع الوطن» الإماراتية، قالت إنها ركزت على التنافس مع نفسها لتحسين مهاراتها، موضحة أنها لم تتلق معاملة خاصة خلال تدريبها حيث يكون المطلوب من الجميع أن يكون لديهم نفس المستوى العالي من الكفاءة القتالية».
ووفقا لبيان منسوب لـ«عائلة المنصوري» أعلنت «عائلة المنصوري» تبرؤها من ابنتها مريم بسبب مشاركتها التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية في ضرب أهداف مدنية داخل الأراضي السورية، وأكدت تأييدها للثورة السورية.
وقالت عائلة المنصوري - في البيان الذي نشرته مواقع انترنت: «نحن أبناء عائلة المنصوري في دولة الإمارات العربية المتحدة نعلن للملأ براءتنا من المدعوة مريم المنصوري وكل من يشارك في العدوان الدولي الغاشم على الشعب السوري الشقيق، وعلى رأسهم الابنة العاقة مريم المنصوري».
كما أعلنت العائلة دعمها وتأييدها للثورة السورية، داعية كل الفصائل والكتائب العاملة على الساحة الشامية إلى التوحد وتضافر القوى والجهود لهدف واحد، وهو إسقاط نظام «الأسد».
بالمقابل عبَّر إماراتيون -بعضهم من عائلة مريم المنصوري- عبر مواقع التواصل الاجتماعي «عن فخرهم بابنتهم مريم المنصوري، التي تشارك في الطلعات الجوية لضرب معاقل تنظيم «الدولة اللا إسلامية الإرهابي»، ضمن التحالف الدولي التي تشارك فيه الإمارات»، مفنِّدين في تغريدات متواصلة البيان «الملفق» الذي يزعم أن عائلتها قد تبرَّت منها.
والبيان الذي قيل إنه صادر عن «أبناء عائلة المنصوري في دولة الإمارات العربية المتحدة»، تبين بعد بحث بسيط عبر «جوجل» أنَّ أول من نشره موقع «الأمة» التابع لـ«شبكة الأمة اليوم للإعلام»، وهو موقع مؤيد للحركات الإسلامية.
المنصوري قبيلة لا عائلة
ولتوضيح اللبس المترتب علي بيان التبرؤ منها ثم النفي من جانب بعض أقاربها «منهم ابنه عمها» وإماراتيين أخري، أوضح «مشعل النامي» الإماراتي في تغريده علي «تويتر» أن: «المنصوري» قبيلة وليست «عائلة» وتعدادها في الإمارات يصل إلى عشرات الآلاف.. وهذا يوضح جهل من كتب بيان البراءة المزعوم من الطيارة الإماراتية مريم»، بحسب تعبيره.
كما لاحظ مراقبون أن البيان يتحدث عن أن العائلة تتشرف «بأبطال أهل السنة في العراق وفي بلاد الشام وبكل اللذين حملوا راية الحق، ودعم الثورة السورية المباركة في وجه أحفاد «ابن العلقمي»، وهي كلمات وتعابير يستعملها الإسلاميون المتشددون، لاسيما الناشطون في إطار «الدولة الإسلامية»، ما جعلهم يشككون في نسب البيان لعائلة المنصوري وانه ربما أصدر منتمون لقبيلة «المنصوري» من المعارضين الإمارتيين في الخارج لا العائلة.
وقد استغرب عدد من أبناء العائلة في تغريدات هذا البيان، وقام عدد منهم بنفي صدور هكذا بيان من العائلة، مؤكدين وقوفهم إلى جانب ما اعتبروه «بطلة ورمز تفتخر به الإمارات وشعبها».
وشارك العديد من «عائلة المنصوري بالأخبار ومقاطع الفيديو المتعلقة بـ«مريم» على موقع «فيس بوك»، وكان لافتاً خروج ابنة عم مريم على «تويتر» «زينب المنصوري» لنفي هذا البيان، حيث قالت في تغريده لها: «بيان قبيلة المناصير اللي تتكلمون عنـه «إشاعة مالها صحة»، أنا بنت عمها وما سمعت بـ هالبيان، بالعكس كلنا فخورين فيها».
ولم تكن «زينب» هي الوحيدة من «آل المنصوري» التي تشيد بما تشارك به «مريم»، إذ علّق «عبدالله المنصوري» على الخبر قائلاً: «بنات زايد كفوو»، في حين كان حساب آخر باسم «المنصوري» يشدد في تغريده أن «مريم» هي «فخر للجميع والله على الظالم»، وقام الحساب بإعادة التغريد لتغريدة جاء فيها «هذه قدوة للكل بنت مسلمة شريفة عفيفة».
وأبرزت ظاهرة الطيارة «مريم المنصوري»، أنه مثلما هناك نساء مسلمات ينضممن إلى صفوف تنظيم «الدولة الإسلامية» في حرب الجهاد التي يخوضها في الشرق الأوسط، هناك نساء مسلمات يشاركن في التحالف الأمريكي ضد هذا التنظيم.
من هي أول طيارة عربية؟
وولدت «مريم» في العاصمة «أبوظبي»، لأسرة مكونة من 6 بنات و3 أولاد، ودرست في مدينة «خورفكان» الأدب الإنجليزي وتخرجت في الثانوية العامة القسم العلمي، بمعدل 93%، والتحقت بـ«جامعة الإمارات» وحصلت على بكالوريوس في اللغة الإنجليزية وآدابها بمعدل امتياز.
ثم التحقت بالقوات المسلحة بعد الثانوية العامة بقرار شخصي ودعم من الأهل لرغبتها في أن تكون طيارًا مقاتلًا، لكن لم يكن المجال مفتوحا للعنصر النسائي حينها، فالتحقت بالعمل في القيادة العامة للقوات المسلحة لعدة سنوات، وعند فتح المجال للعنصر النسائي للالتحاق بكلية الطيران، كانت «المنصوري» أول من بادر بالانضمام إلى هذا المجال الذي كان الدافع الأول لالتحاقها بالقوات المسلحة.
وبعد أن فتحت الإمارات المجال للنساء للالتحاق بالقوات الجوية الإماراتية أصبحت ضابطة عمرها 35 سنة، و رائد طيار على متن طائرة «إف 16»، وقائدة سرب.
في مايو/أيار 2014، حصلت «المنصوري» على جائزة الشيخ «محمد بن راشد» للتميز ضمن أول مجموعة تكرم في فئة جديدة هي «فخر الإمارات»، وقلدها الشيخ «محمد بن راشد آل مكتوم» نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي ميدالية تحمل اسمه.
تقول «المنصوري»: «المنافسة مع رجال سلاح الطيران شكلت تحدياً بالنسبة لي، إلا أنني تمكنت من مواصلة مشواري بنجاح وتفوق، ويجب علي في هذه الصدد أن أشيد بالدعم المتواصل الذي حصلت عليه من زملائي في العمل».
وأردفت قائلة: «كوني فتاة في هذه المجال الذي يسيطر عليه الرجال، لم يعطني أية استثناءات، فكانت المعاملة بالمثل، وأساليب التدريب واحدة، وقد نجحت في مواصلة مشواره والتغلب على أية صعوبات واجهتني حتى وصلت الآن إلى مرتبة رائد مقاتل على طائرة أف 16».
وتقول «والدة المنصوري» عن تلك الفترة من عمرها: «حرص جميع أفراد الأسرة بدءًا من الوالد الذي كان يعمل في قطاع التعليم مرورًا بأخوتها على تشجيعها على تحقيق حلمها بالاتجاه إلى مجال الطيران، ما ساعدها كثيرًا على النجاح في عملها ومواصلة مسيرتها التي تسعى من خلالها إلى خدمة وطنها».
والطريف أن هناك امرأة أخري تسمي «مريم المنصوري» هي زوجة المعتقل والصحفي «راشد الشامسي» التي تنتقد السلطات لطريقة معاملة زوجها داخل السجن، وتسألت «مريم المنصوري» «زوجة المعتقل الحر» في تغريدات علي «تويتر» عن كيفيه التعامل مع زوجها وجميع المعتقلين في السجون السرية لجهاز الأمن .
وكانت أخر مره شوهد فيها الصحفي «الشامسي» يوم 6 سبتمبر/أيلول الماضي من قبل مصادر بالعائلة ظهرت هيئته مغبر الملابس والوجه، أشعث اللحية والرأس، يشتكي من الزنزانة بأنها ضيقة وتكييفها بارد جدا، وذكر أنه أخذ حبوب لا يعرف نوعها، ويبدو عليه الهذيان وعدم الاستقرار، وكلامه بطيء جدا، بحسب زوجته.
وأضافت «مريم المنصوري» أنه منعت من مقابلته عندما تم اصطحابه إلى المحكمة في أبوظبي للتمديد الثاني في 3 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، رغم أنه لم يفصل بينها وبين المعتقلين سوى باب واحد ، وطالبت –وقتها- برؤيته من بعيد إلا أن جهاز الأمن رفض طلبها .
ويعمل الصحفي «راشد الشامسي» رئيس تحرير مجلة «سينارية» الالكترونية، وصاحب برنامج «وللشباب رأي» في تلفزيون «الشارقة»، وهو كاتب بجريدة «الخليج» الإماراتية.
محمد خالد