الأربعاء، 19 مارس 2014

الأمير محمد بن نايف لم ينسَ شتائم محمد بن زايد لوالده الراحل حيث شبهه بالقرد و أثبت به نظرية داروين للتطور



قال الكاتب البريطاني الشهير ديفيد هيرست، والمتخصص في قضايا الشرق الأوسط، في مقال له إن وزير الداخلية السعودي الحالي الامير محمد بن نايف لم ينسَ الشتائم والاستهزاء الذي قام به ولي عهد ابوظبي محمد بن زايد بحق والده الأمير الراحل نايف بن عبد العزيز، في اشارة الى أن هذا هو أحد أسباب الخلافات بين المملكة العربية السعودية ودولة الامارات.

وبحسب مقال نشرته جريدة “هافنغتون بوست” البريطانية ينقل هيرست عن برقية تسربت عبر “ويكيليكس”، وتعود الى العام 2003، حيث يتبين منها أن محمد بن زايد سخر من الأمير نايف بن عبد العزيز في حديث دار بينه وبين دبلوماسي أمريكي، ووصف بن زايد الأمير نايف بأنه “قرد”، حيث قال للدبلوماسي الأمريكي: “الآن اقتنعت بنظرية داروين التي تقول بأن الانسان يتطور من الأسفل الى الأعلى”.

ويقول هيرست في مقاله إن شبح التصريح العابر الذي أدلى به محمد بن زايد لدبلوماسي أمريكي قبل 11 عاماً عاد ليطارده الان، لأن الأمير محمد بن نايف لم ينس ذلك التصريح، ولأن حليف محمد بن زايد في السعودية وهو الأمير بندر بن سلطان بدأ يبتعد عن المشهد تدريجياً بسبب فشله الذريع في الملفات التي تولاها.

ويضيف هيرست: “لم ينسَ الأمير محمد بن نايف ولم يغفر تلك الإهانة التي لحقت بوالده. يشغل اليوم محمد بن نايف منصب وزير الداخلية في المملكة العربية السعودية، وآلت إليه المهام الأمنية التي كانت في يوم من الأيام من اختصاص الأمير بندر بن سلطان رئيس المخابرات السعودية، والذي كان جزءاً من محور محمد بن زايد”. 

ويعرج هيرست في مقاله على العديد من الملفات الأخرى الهامة، ومن بينها محاولة الانقلاب الفاشلة التي حدثت في ليبيا، والتي يؤكد هيرست أن كلاً من الامارات والسعودية هما اللتان تقفان وراءها، مشيراً الى أن محمد بن زايد يتلقى صفة جديدة وفشلاً جديداً بفشل المحاولة الانقلابية في ليبيا.

وفيما يلي النص الكامل لمقالة ديفيد هيرست:

شهدت الأيام السبع الماضية أحداثاً مثيرة في ليبيا. ضابط كبير في الجيش الليبي، له ارتباطات استمرت ثلاثة عقود بوكالة الاستخبارات الأمريكية ( السي آي إيه)، يعلن عن انقلاب عسكري وعن تعليق البرلمان. ومجموعتان مسلحتان تسليحاً كثيفاً من الزنتان تمهلان البرلمان خمس ساعات للتنازل عن جميع صلاحياته ثم تمدد المهلة الممنوحة له حتى مساء الجمعة. ثم يتراجع الخطر، ولكن ليس قبل انتشار طابور من الشاحنات الصغيرة المزودة بمدافع مضادة للطائرات حول دوار بالقرب من المؤتمر الوطني العام إنذاراً لمن قد تسول له نفسه أمراً. لم يحدث شيء، ولن يؤاخذك أحد إذا ما خلصت إلى أن الأمر كله لم يتعد ما بات أمراً اعتيادياً في طرابلس.

إلا أن الأمر لم يكن كذلك، على الأقل ليس كذلك لمن انهمكوا في التفاصيل الدقيقة لهذه الأحداث. ولإدراك من هي الجهة التي كانت بحاجة إلى انقلاب عسكري للاستيلاء على السلطة في ليبيا، ما عليك إلا العودة إلى الثالث والعشرين من يوليو (تموز) من العام الماضي. فبعد أسابيع قليلة من الانقلاب الذي أطاح بالرئيس السابق محمد مرسي، تحدث توفيق عكاشة، وهو مقدم برنامج تلفزيوني يعتبر بوقاً للمخابرات المصرية، عن احتياجين عسكريين ملحين، أحدهما في غزة والآخر في شرق ليبيا للقضاء على “لإرهابيين” إلا أن قلة من الناس حينها أخذوا كلامه على محمل الجد.

قبل أسابيع قليلة، بدأت الأرضية لذلك تمهد من خلال مقابلات أجراها التلفزيون المصري مع ضابط الجيش المخضرم الفريق خليفة حفتر ومع محمود جبريل الذي شغل منصب رئيس الوزراء الانتقالي لمدة سبعة شهور ونصف الشهر والذي كان في يوم من الأيام وزير التخطيط في نظام العقيد معمر القذافي. وكان جبريل ينتقد بمرارة قانون العزل السياسي الذي أقره البرلمان في ليبيا والذي تقرر بموجبه حرمان مسؤولي النظام السابق من أمثاله من شغل مناصب حكومية في العهد الجديد.

في الأسبوع الماضي، أعلن حفتر في شريط فيدو مسجل بأن القيادة القومية للجيش الليبي أعلنت عن انطلاق حركة جديدة لخارطة طريق. بدا كما لو أن أماني البعض في طريقها للتحقق لولا الموقف الصارم والساخط من قبل البرلمان الليبي الذي أعلن عن إجراء انتخابات تشريعية جديدة في الربيع. ظن مخططو الانقلاب بأنهم قادرون على استغلال مناسبة الذكرى الثالثة لإسقاط نظام معمر القذافي لصالحهم. هذا ما حصل في مصر، فلماذا لا يتحقق في ليبيا؟

ولكن من هم هؤلاء المخططون للانقلاب؟ في بيان نشر على موقع الفيسبوك قيل إنه صادر عن “رفة عمليات ثوار ليبيا” والتي تمثل تشكيلة من المليشيات الإسلامية، تم توجيه إصبع الاتهام نحو دولة الإمارات العربية المتحدة. زعم البيان أن الإمارات أنشأت “خليتين أمنيتين”، إحداهما مهمتها إسقاط البرلمان الليبي والثانية، وهي في العاصمة الأردنية عمان، مهمتهما تنسيق التغطية الإعلامية. ليبيا، التي غدت بكل بساطة مجموعة من الدويلات – دويلة في كل مدينة، تكاد تغرق في نظريات المؤامرة، وبلغت حالة الفوضى اليومية فيها أن أعضاء إحدى الوحدات المسلحة والمكلفة بحماية مطار بنغازي قرروا إقفال مدرج المطار يوم الإثنين الماضي لأنهم لم يتسلموا رواتبهم منذ عدة شهور. ولكن، لا يعني ذلك أن المؤامرات نفسها غير موجودة.

فمصر وممولوها – دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية – لديهم من الأسباب ما يكفي للسعي لإقامة نظام موال في ليبيا ذات الثروة النفطية المعتبرة. ما تتلقاه مصر من أموال تصبها فيها دول الخليج يستنزف أولاً بأول، وهي الآن على أبواب أزمة وقود حادة، إذ يتوقع الخبراء أن يتجاوز استهلاك الغاز الطبيعي فيها في شهر يوليو القادم الكميات المتوفرة لديها. رغم أن المساعدات الخليجية المقدمة لمصر تشتمل على ما قيمته 4 مليار دولار من المشتقات النفطية، إلا أن الديزل الخليجي لا يلبي احتياجات مصانع مصر المصممة لتشتغل بالغاز الطبيعي. ولذلك، فإن حقول ليبيا التي تكاد تكون خاملة تشكل بديلاً جذاباً كمصدر للنفط.

الصدمة الكبرى هذا الأسبوع لم تنجم عن محاولة الانقلاب العسكري، وإنما عن حقيقة أن شيئاً لم يحدث على الإطلاق رغم أن الذين خططوا للانقلاب استخدموا كافة الذرائع المواتية: السخط الشعبي العام في الذكرى السنوية الثالثة للثورة، والبرلمان الذي يعاني من الانقسام والخلل الوظيفي، والمليشيات العسكرية التي ترفض حل نفسها.

تمثل الأحداث التي شهدتها ليبيا هذا الأسبوع إخفاقاً آخر في سلسلة من الإخفاقات التي منيت بها سياسة ولي عهد الإمارات الشيخ محمد بن زايد الذي اتهمه بيان غرفة عمليات ثوار ليبيا بإدارة “الخلية الأمنية” بالتعاون مع ساعده الأيمن محمد دحلان، القائد الفتحاوي السابق في قطاع غزة. لقد صنع محمد بن زايد لنفسه أعداء شرسين في منطقة الخليج التي يشكل أحد محاورها. فقد بدأت التصدعات في العلاقات الإماراتية السعودية تظهر بجلاء بسبب الصفقة التي أبرمتها الولايات المتحدة الأمريكية مع الإيرانيين حول البرنامج النووي، ففي الوقت الذي بذلت فيه المملكة العربية السعودية جهوداً كبيرة في معارضة هذه الصفقة وإقناع الأطراف الأخرى بمعارضتها، سارعت دولة الإمارات العربية المتحدة إلى الترحيب بها.

قبل أحد عشر عاماً، كان محمد بن زايد قد صرح بشكل عابر بشيء لأحد الدبلوماسيين الأمريكان، وها هو اليوم يجد نفسه مطارداً من قبل شبح ذلك التصريح. فطبقاً لبرقية سربتها وكيليكس، كان محمد بن زايد يسخر من الطريقة التي كان يُتأتئ بها وزير الداخلية السعودي السابق الأمير نايف بن عبد العزيز أثناء حديثه، فقال مخاطباً الدبلوماسي الأمريكي ريتشارد هآس: “لقد كان داروين محقاً” حين قال بأن الأنواع تتطور من أسفل إلى أعلى، قاصداً بذلك أن الأمير نايف كان يشبه القرد في تصرفاته!!

لم ينس ابن ولي العهد السعودي – الأمير محمد بن نايف – ولم يغفر تلك الإهانة التي لحقت بوالده. يشغل اليوم محمد بن نايف منصب وزير الداخلية في المملكة العربية السعودية، وآلت إليه المهام الأمنية التي كانت في يوم من الأيام من اختصاص الأمير بندر بن سلطان رئيس المخابرات السعودية، والذي كان جزءاً من محور محمد بن زايد. فحينما اجتمع مسؤولو الاستخبارات الغربية والعربية مؤخراً في واشنطن في لقاء لمدة يومين للتباحث حول الاستراتيجية الأمنية حضر الاجتماع ممثلاً عن المملكة العربية السعودية وزير الداخلية محمد بن نايف ولم يحضره بندر. بحسب الانطباع الذي أخذ يتشكل بازدياد كانت معالجة بندر لملف الثوار في سوريا معالجة مضطربة، ولذلك فقد تم الآن سحب هذا الملف منه أيضاً، وحولت الصلاحيات السياسية التي كانت بيد بندر إلى وزير الخارجية السعودي.

وبأفول نجم بندر ينكشف محمد بن زايد أكثر ويصبح أكثر عرضة للنقد من قبل شيوخ الإمارات من أمثال الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، حاكم دبي. فعلى النقيض من أبو ظبي، وهي الإمارة الأكبر في الدولة، تقوم ثروة دبي على التجارة وعلى السمعة في المحافل الدولية، وليس على النفط. ولذلك فإن دبي ستتكبد خسائر جمة إذا ما أخفقت مغامرات محمد بن زايد الخارجية في كل من مصر وليبيا، وكذلك في في اليمن. وقد نال محمد بن زياد نقد أيضاً بسبب تمويله للتدخل الفرنسي في مالي. يستدل من الخصومات والمنافسات، ليس فقط فيما بين الدول الخليجية وإنما أيضاً فيما بين القوى المتنفذة في كل منها، على أن الوضع القائم في الشرق الأوسط لن يدوم طويلاً.

المصدر: جريدة “هافنغتون بوست” البريطانية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق